منتديات الـــــــوداد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة إبراهيم الخليل عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فواز السكري
عضو مميز
عضو مميز
فواز السكري


المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 10/05/2008
الموقع : السعودية

قصة إبراهيم الخليل عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: قصة إبراهيم الخليل عليه السلام   قصة إبراهيم الخليل عليه السلام Emptyالسبت مايو 17, 2008 6:25 pm

للإمام ابن الحافظ ابن كثيرهو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابربن شالح بن ارفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.
هذا نص أهل الكتاب في كتابهم، وحكى الحافظ ابن عساكر في ترجمة إبراهيم الخليل من تاريخه عن إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب "المبتدأ" ، أن اسم أم إبراهيم "أميلة". ثم أورد عنه في خبر ولادتها له حكاية طويلة وقال الكلبي: اسمها "بونا" بنت كربتا بن كرثى، من بني أرفخشذ بن سام بن نوح.
وروى ابن عساكر من غير وجه عن عكرمة أنه قال: كان إبراهيم عليه السلام يكنى "أبا الضيفان".
قالوا: ولما كان عمر تارخ خمساً وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام، و "تاحور" و "هاران" وولد لهاران "لوط".
وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها، وهي أرض الكلدانيين يعنون أرض بابل.

وهذا هو الصحيح المشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار، وصحح ذلك الحافظ ابن عساكر، بعدما روي من طريق هشام بن عمار، عن الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن ابن عبَّاس قال: ولد إبراهيم بغوطة دمشق، في قرية يقال لها برزة، في جبل يقال له قاسيون. ثم قال: والصحيح أنه ولد ببابل. وإنما نسب إليه هذا المقام لأنه صلى فيه إذ جاء معيناً للوط عليه السلام.
قالوا: فتزوج إبراهيم سارة، وناحور "ملكا" ابنة هاران يعنون ابنة أخيه. قالوا وكانت سارة عاقراً لا تلد.
قالوا: وانطلق تارخ بابنه إبراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران، فخرج بهم من أرض الكلدانيين إلى أرض الكنعانيين، فنزلوا حران، فمات فيها تارخ وله مائتان وخمسون سنة. وهذا يدل على أنه لم يولد بحران، وإنما مولده بأرض الكلدانيين وهي أرض بابل وما والاها.
ثم ارتحلوا قاصدين أرض الكنعانيين، وهي بلاد بيت المقدس، فأقاموا بحران وهي أرض الكلدانيين في ذلك الزمان، وكذلك أرض الجزيرة والشام أيضاً. وكانوا يعبدون الكواكب السبعة. والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين، يستقبلون القطب الشمالي ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال. ولهذا كان على كل باب من أبواب دمشق السبعة القديمة هيكل لكوكب منها، ويعملون لها أعياد وقرابين.
وهكذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والأصنام وكل من كان على وجه الأرض كانوا كفاراً، سوى إبراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليهم السلام.

وكان الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور وأبطل به ذاك الضلال، فإن الله سبحانه وتعالى آتاه رشده في صغره، وابتعثه رسولاً، واتخذه خليلاً في كبره، قال الله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ}. أي كان أهلاً لذلك.

وكان أول دعوته لأبيه، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام، لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له كما قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً، إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً، يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً، يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدْ الشّيْطان إِنَّ الشّيْطان كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيّاً، يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً، قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأََرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً، قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً، وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً}.
فذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة، وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن اشارة، بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأوثان التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه. فعندها قال له إبراهيم: {سَلامٌ عَلَيْكَ} أي لا يصلك مني مكروه ولا ينالك مني أذى، بل أنت سالم من ناحيتي. وزاده خيراً فقال: {عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً}. قال ابن عبَّاس وغيره: أي لطيفاً، يعني في أن هداني لعبادته والإخلاص له. ولهذا قال: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً}.
وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}.
وقال البُخَاريّ: حَدَّثَنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني أخي عبد الحميد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني؟ فيقول له أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله: إني حرمت الجنَّة على الكافرين. ثم يقال يا إبراهيم انظر ما تحت رجليك؟ فينظر، فإذا هو بذبح متلطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار". هكذا رواه في قصة إبراهيم منفرداً.
وقال في التفسير: وقال إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري، عن أبيه عن أبي هريرة.

وقال في سورة الشعراء: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ، قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ، قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ، قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ، قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِي، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِي، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ، رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.
وقال تعالى في سورة الصافات: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ، إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ، أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ، فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ، فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ، فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ، مَا لَكُمْ لا تَنطِقُون، فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ، قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ، قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ، فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ}.
يخبر الله تعالى عن إبراهيم خليله عليه السلام، أنه أنكر على قومه عبادة الأوثان وحقرها عندهم وصغرها وتنقصها، فقال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} أي معتكفون عندها وخاضعون لها، قالوا: {وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ}. ما كان حجتهم إلا صنيع الأباء والأجداد، وما كانوا عليه من عبادة الأنداد.
{قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} كما قال تعالى: {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ، أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}. قال قتادة: فما ظنكم به أنه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟
وقال لهم: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ، قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}. سلموا له أنها لا تسمع داعياً ولا تنفع ولا تضر شيئاً، وإنما الحامل لهم على عبادتها الإقتداء بأسلافهم ومن هو مثلهم في الضلال من الأباء الجهال. ولهذا قال لهم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} وهذا برهان قاطع على بطلان إلهية ما ادعوه من الأصنام، لأنه تبرأ منها، وتنقص بها، فلو كانت تضر لضرته، أو تؤثر لأثرت فيه.
{قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ اللاعِبِينَ} ويقولون: هذا الكلام الذي تقوله لنا وتنتقص به ألهتنا، وتطعن بسببه في آبائنا أتقوله محقاً جاداً فيه أم لاعباً؟

{قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ} يعني بل أقول لكم ذلك جاداً محقاً، إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ربكم ورب كل شيء، فاطر السماوات والأرض، الخالق لهما على غير مثال سبق. فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وأنا على ذلكم من الشاهدين.
وقوله: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} أقسم ليكيدن هذه الأصنام التي يعبدونها بعد أن تولوا مدبرين إلى عيدهم.
قيل: إنه قال هذا خفية في نفسه. وقال ابن مسعود: سمعه بعضهم.
وكان لهم عيد يذهبون إليه في كل عام مرة إلى ظاهر البلد، فدعاه أبوه ليحضره فقال: إني سقيم. كما قال تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ، فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ}. عرض لهم في الكلام حتى توصل إلى مقصودة من إهانة أصنامهم ونصرة دين الله الحق وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام التي تستحق أن تكسر وأن تهان غاية الإهانة.
فلما خرجوا إلى عيدها، واستقر هو في بلدهم {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ} أي ذهب إليها مسرعاً مستخفياً، فوجدها في بهو عظيم، وقد وضعوا بين أيديها أنواعاً من الأطعمة قرباناً إليها فقال لها على سبيل التهكم والإزدراء {أَلا تَأْكُلُونَ، مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ، فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِين} لأنها أقوى وأبطش وأسرع وأقهر، فكسرها بقدوم في يده كما قال تعالى: {فجَعَلَهُمْ جُذَاذاً}. أي حطاماً، كسرها كلها {إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ}. قيل إنه وضع القدوم في يد الكبير، إشارة إلى أنه غار أن تعبد معه هذه الصغار!
فلما رجعوا من عيدهم ووجدوا ما حل بمعبودهم {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ}.
وهذا فيه دليل ظاهر لهم لو كانوا يعقلون، وهو ما حل بألهتهم التي كانوا يعبدونها، فلو كانت ألهة لدفعت عن أنفسها من أرادها بسوء لكنهم قالوا من جهلهم وقلة عقلهم وكثرة ضلالهم وخبالهم: {مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ}.
{قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} أي يذكرها بالعيب والتنقص لها والإزدراء بها، فهو المقيم عليها والكاسر لها. وعلى قول ابن مسعود، أي يذكرهم بقوله: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ}.
{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أي في الملأ الأكبر على رؤوس الأشهاد، لعلهم يشهدون مقالته ويسمعون كلامه، ويعاينون ما يحل به من الاقتصاص منه.
وكان هذا أكبر مقاصد الخليل عليه السلام أن يجتمع الناس كلهم، فيقيم على جميع عباد الأصنام الحجة على بطلان ما هم عليه، كما قال موسى عليه السلام لفرعون: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}.
فلما اجتمعوا وجاءوا به كما ذكروا {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ، قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ}. قيل معناه: هو الحامل لي على تكسيرهم وإنما عرض لهم في القول {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ}.
وإنما أراد بقوله هذا أن يبادر إلى القول بأن هذه لا تنطق، فيعترفوا بأنها جماد كسائر الجمادات.
{فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ}. أي فعادوا على أنفسهم بالملامة، فقالوا إنكم أنتم الظالمون. أي في تركها لا حافظ لها ولا حارس عندها.
{ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ}. قال السُّدِّي: أي ثم رجعوا إلى الفتنة، فعلى هذا يكون قوله: {إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ}. أي في عبادتها.
وقال قتادة: أدركت القوم حيرة سوء. أي فأطرقوا ثم قالوا: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنطِقُونَ}. أي لقد علمت يا إبراهيم أن هذه لا تنطق، فكيف تأمرنا بسؤالها!
فعند ذلك قال لهم الخليل عليه السلام: {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ، أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}.
كما قال: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} قال مجاهد: يسرعون.
(قال): {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} أي كيف تعبدون أصناماً أنتم تنحتونها من الخشب والحجارة وتصورونها وتشكلونها كما تريدون {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}.
وسواء كانت "ما" مصدرية، أو بمعنى الذي، فمقتضى الكلام أنكم مخلوقون، وهذه الأصنام مخلوقة، فكيف يتعبد مخلوق لمخلوق مثله؟ فإنه ليس عبادتكم لها بأولى من عبادتها لكم، وهذا باطل، فالآخر باطل للتحكم إذ ليست العبادة تصلح، ولا تجب إلا للخالق وحده لا شريك له.
{قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ، فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ}.
عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا وغلبوا، ولم تبق لهم حجة ولا شبهة إلى استعمال قوتهم وسلطانهم، لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم، فكادهم الرب جل جلاله وأعلى كلمته ودينه وبرهانه، كما قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ، قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ}.

وذلك أنهم شرعوا يجمعون حطباً من جميع ما يمكنهم من الأماكن، فمكثوا مدة يجمعون له، حتى أن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطباً لحريق إبراهيم. ثم عمدوا إلى جوبة عظيمة، فوضعوا فيها ذلك الحطب وأطلقوا فيه النار فاضطربت وتأججت، والتهبت وعلا لها شررٌ لم ير مثله قط.
ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له "هزن" وكان أول من صنع المجانيق، فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه وهو يقول: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك.
فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيداً مكتوفاً، ثم ألقوه منه إلى النار، قال: حسبنا الله ونعم الوكيل. كما روى البُخَاريّ عن ابن عبَّاس أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قيل له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآية.
وقال أبو يعلى: حَدَّثَنا أبو هشام الرفاعي، حَدَّثَنا إسحاق بن سليمان، عن أبي جعفر الرازي، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال قال: صلى الله عليه وسلم "لما ألقي إبراهيم في النار قال: اللهم إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك".

وذكر بعض السلف أن جبريل عرض له في الهواء فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال أمّا إليك فلا.
ويروى عن ابن عبَّاس وسعيد بن جبير أنه قال جعل ملك المطر يقول متى أومرَ فأرسل المطر؟ فكان أمر الله أسرع.
{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ}. قال علي بن أبي طالب: أي لا تضريه.
وقال ابن عبَّاس وأبو العالية: لولا أن الله قال { وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} لآذى إبراهيم بردها.
وقال كعب الأحبار: لم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار، ولم تحرق منه سوى وثاقه.
وقال الضحاك: يروي أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شيء غيره.
وقال السُّدِّي: كان معه أيضاً ملكُ الظل. وصار إبراهيم عليه السلام في ميل الجوبة حوله النار، وهو في روضة خضراء، والناس ينظرون إليه لا يقدرون على الوصول، ولا هو يخرج إليهم. فعن أبي هريرة أنه قال: أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال: نعم الرب ربك يا إبراهيم!
وروى ابن عساكر عن عكرمة أن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها عليه السلام فنادته. يا بني أريد أن أجئ إليك فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك. فقال: نعم فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار. فلما وصلت إليه اعتنقته وقبلته ثم عادت.
وعن المنهال بن عمرو أنه قال: أخبرت أن إبراهيم مكث هناك إما أربعين وإما خمسين يوماً، وأنه قال: ما كنت أياماً وليالي أطيب عيشاً إذ كنت فيها. ووددت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها. صلوات الله وسلامه عليه.
فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا، وأرادوا أن يرتفعوا فاتضعوا، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا. قال الله تعالى: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ}، وفي الآية الأخرى: {الأَسْفَلِينَ} ففازوا بالخسارة والسفال، هذا في الدنيا وأما في الآخرة فإنَّ نارهم لا تكون عليهم برداً ولا سلاماً، ولا يلقون تحية ولا سلاماً، بل هي كما قال تعالى {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}.
قال البُخَاريّ: حَدَّثَنا عبد الله بن موسى، أو ابن سلام عنه، أنبأنا ابن جُرَيْج، عن عبد الحميد بن جبير، عن سعيد بن المُسَّيب، عن أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ على إبراهيم".
ورواه مسلم من حديث ابن جُرَيْج. وأخرجه النسائي وابن ماجه من حديث سفيان بن عُيينة، كلاهما عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة به.

وقال أحمد: حَدَّثَنا مُحَمْد بن بكر، حَدَّثَنا ابن جُرَيْج، أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي أمية، أن نافعاً مولى ابن عمر أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم" قال فكانت عائشة تقتلهن.
وقال أحمد: حَدَّثَنا إسماعيل، حَدَّثَنا أيوب عن نافع، أن امرأة دخلت على عائشة فإذا رمح منصوب فقالت: ما هذا الرمح؟ فقالت: نقتل به الأوزاغ. ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه.
تفرد به أحمد من هذين الوجهين.
وقال أحمد: حَدَّثَنا عفان، حَدَّثَنا جرير، حَدَّثَنا نافع، حدثتني سمامة مولاة الفاكه بن المغيرة، قالت: دخلت على عائشة فرأيت في بيتها رمحاً موضوعاً، فقلت: يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح؟ قالت: هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن به، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حَدَّثَنا أن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ عنه النار، غير الوزغ كان ينفخ عليه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: بقتله.

منقوووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرة الورد
مشرف عام
مشرف عام
أميرة الورد


المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/05/2008

قصة إبراهيم الخليل عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة إبراهيم الخليل عليه السلام   قصة إبراهيم الخليل عليه السلام Emptyالثلاثاء مايو 27, 2008 6:16 pm

وقال أحمد: حَدَّثَنا مُحَمْد بن بكر، حَدَّثَنا ابن جُرَيْج، أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي أمية، أن نافعاً مولى ابن عمر أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم" قال فكانت عائشة تقتلهن.
وقال أحمد: حَدَّثَنا إسماعيل، حَدَّثَنا أيوب عن نافع، أن امرأة دخلت على عائشة فإذا رمح منصوب فقالت: ما هذا الرمح؟ فقالت: نقتل به الأوزاغ. ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه

..............


سبحان الله انا من خلقتي اكرهها طلعت كذا


يسلمو عالنقل عزيزي


تقبل مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة إبراهيم الخليل عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ذكر صفة عيسى عليه السلام وشمائله وفضائله
» ذكر مولد إسماعيل عليه السلام مِنْ هاجر
» بعض حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الـــــــوداد :: منتديات :: الشريعه والحياه-
انتقل الى: